الحمد لله المتفضِّل بالنِّعم، وكاشف الضرَّاء والنِّقم، والصلاة والسلام على النبي
الأمين، وآله وأصحابه أنصار الدين. وبعد:
أخي المسلم: لا شك أن المسلم مطالب بالمداومة على الطاعات، والاستمرار في الحرص على تزكية النفس.
ومن أجل هذه التزكية شُرعت العبادات والطاعات، وبقدر نصيب العبد من الطاعات تكون تزكيته لنفسه، وبقدر تفريطه يكون بُعده عن التزكية.
لذا كان أهل الطاعات أرق قلوباً، وأكثر صلاحاً، وأهل المعاصي أغلظ قلوباً، وأشد فساداً.
والصوم من تلك العبادات التي تطهِّر القلوب من أدرانها، وتشفيها من أمراضها.. لذلك فإن شهر رمضان موسماً للمراجعة، وأيامه طهارة للقلوب.
وتلك فائدة عظيمة يجنيها الصائم من صومه، ليخرج من صومه بقلب جديد، وحالة أخرى.
وصيام الستة من شوال بعد رمضان، فرصة من تلك الفرص الغالية، بحيث يقف الصائم على أعتاب طاعة أخرى، بعد أن فرغ من صيام رمضان.،
كما جاء في صحيح مسلم من حديث أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : (( من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر ))
وإنما كان صيام الست من شوال مع صيام رمضان كصيام الدهر
لأن رمضان عن عشرة أشهر حيث أن الحسنة بعشر أمثالها والست من شوال عن ستين يوماً
( شهرين ) أيضاً لأن الحسنة بعشر أمثالها وعشرة أشهر مع شهرين حولٌ كامل .. قال صلى الله عليه وسلم: (( صيام شهر رمضان بعشر أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة )) رواه النسائي وصححه الألباني ..
وتستحب المبادرة بصيام الست من شوال بحيث يبدأ بها من اليوم الثاني من الشهر ولا حرج في عدم المبادرة فلو أخّرها إلى وسط الشهر أو آخره فلا بـأس ..
ولا يصوم من كان عليه قضاء من رمضان حتى يُنهي ذلك القضــاء لأن النبي صلى الله عليه وسلم
قال : " من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال " وهذا معناه أن صيام الست من شوال إنما يكون بعد إنهاء صوم رمضان كله
والله الموفق للخيرات، وله الحمد في جميع الحالات، وصلى الله وسلم على المبعوث رحمة للعباد، في الحياة وبعد الممات.